تيبيرا بزنس
في خطوة استراتيجية هامة نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، أطلقت الحكومة العراقية مشروع “مدينة الذهب العالمية” في بغداد، والذي يهدف إلى تأسيس مركز صناعي وتجاري متكامل متخصص في صناعة وتجارة الذهب والمجوهرات، بما يدعم تطوير الصناعة المحلية ويجذب الاستثمارات.
تتمحور فكرة المشروع حول إنشاء مدينة صناعية حديثة تضم وحدات إنتاج متخصصة في تصنيع المشغولات الذهبية والمجوهرات، إلى جانب مراكز تدريب لتأهيل الكوادر الفنية، وأسواق تجارية وبورصة للذهب، تتيح تداول المعادن الثمينة بشكل رسمي وشفاف.
يقول د. علي الربيعي، خبير الاقتصاد والصناعة “مشروع مدينة الذهب خطوة ضرورية لتحويل العراق من مستورد رئيسي إلى منتج ومصدر في صناعة الذهب، وهذا سيساهم بشكل مباشر في تعزيز الإيرادات غير النفطية وتقليل العجز التجاري.”
كما أوضح رائد حمدان، مختص في الاستثمار الصناعي، أن المشروع سيخلق بيئة استثمارية محفزة، مشيرًا إلى أن “توفير بنية تحتية متكاملة وخدمات دعم فني وتقني يسهل على المستثمرين العمل بكفاءة عالية ويزيد من تنافسية المنتجات العراقية في الأسواق المحلية والإقليمية.”
يرى محللون أن إنشاء مدينة الذهب يعد ركيزة لتحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة في العراق، خاصة في قطاع الحرف اليدوية والتقليدية التي تفتقر إلى الدعم التنظيمي والمالي. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يساهم المشروع في تطوير سوق الذهب العراقي وتوفير بدائل شرعية وموثوقة للمشترين والمستثمرين، وتقليل عمليات التهريب وبيع الذهب غير الرسمي، التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
يعمل المشروع بالتعاون بين وزارة التجارة العراقية والهيئة الوطنية للاستثمار، مع اعتماد تقنيات حديثة في التصنيع وإدارة الجودة، وفق معايير دولية لضمان تنافسية المنتجات.
يشير م. فهد الخفاجي، مهندس صناعي ومستشار تقني، إلى أن “تطبيق أحدث التقنيات الصناعية في المدينة سيساعد على رفع مستوى الإنتاجية وتقليل الهدر، كما أن تأسيس بورصة للذهب سيجعل عمليات التداول أكثر شفافية ويجذب المزيد من المستثمرين.”
مع ذلك، تواجه المدينة تحديات متعلقة بالبنية التحتية، وتوفير التمويل اللازم، بالإضافة إلى ضرورة تأمين الاستقرار الأمني والسياسي لضمان نجاح المشروع وجذب المستثمرين.
وتخطط وزارة التجارة للبدء بتنفيذ المرحلة الأولى التي تشمل تخصيص الأرض، بناء الوحدات الصناعية، وإنشاء مراكز التدريب. كما تعمل على وضع إطار تشريعي وتنظيمي يدعم تشغيل المدينة ويسهل عمليات الاستثمار والتصدير.
تقول د. ليلى عباس، خبيرة التنمية الاقتصادية: “نجاح مشروع مدينة الذهب يتطلب تعاونًا مشتركًا بين القطاعين العام والخاص، مع استراتيجيات واضحة لتسويق المنتجات العراقية دوليًا.”
يمثل مشروع مدينة الذهب العالمية في بغداد فرصة فريدة لإعادة بناء صناعة ذهب عراقية قوية ومستدامة، تعزز الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والعمل. في ظل الطموحات الحكومية لتطوير الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، ينتظر الجميع بفارغ الصبر نتائج هذا المشروع الواعد الذي يمكن أن يشكل نموذجًا يحتذى به في مجالات صناعية أخرى.
لا تعليق