تبيرا بزنس

في عالم الأزياء الذي لطالما عُرف ببريقه الطاغي وسرعة استهلاكه، شقّت لييا كيبيدي طريقًا مختلفًا. لم تكتفِ بأن تكون وجهًا عالميًا يعتلي أغلفة المجلات، بل استخدمت شهرتها منصة لبناء مشروع اجتماعي – اقتصادي رائد، يستمد جذوره من إثيوبيا وينتشر صداه في الأسواق العالمية.

بدأت كيبيدي حياتها المهنية كواحدة من أوائل عارضات الأزياء ذوات البشرة السوداء في القرن الحادي والعشرين، ووقّعت عقودًا مع دور أزياء عالمية مثل Chanel وDior وGucci. إلا أن اللحظة الفارقة في مسيرتها لم تكن على منصة عرض، بل كانت في رحلة إنسانية إلى موطنها الأم، حيث اكتشفت أن صناعة النسيج التقليدية تواجه خطر الاندثار. ومن هنا، وُلدت فكرة مشروعها الريادي.

في عام 2007، أسّست كيبيدي علامتها التجارية Lemlem، والتي تعني “لتزهر” باللغة الأمهرية. العلامة لم تكن مجرد مشروع تجاري بل مبادرة اجتماعية واقتصادية تهدف إلى إحياء فن النسيج الإثيوبي وتمكين النساء حرفيًا واقتصاديًا.

بحسب بيانات الشركة، بدأت Lemlem بـ 30 امرأة نسّاجة، واليوم توفّر أكثر من 250 وظيفة دائمة للنساء في إثيوبيا وكينيا. وتمثل أكثر من 85% من القوى العاملة فيها نساء، مع برامج تدريبية تؤهلهن للعمل في مجالات الغزل، التصميم، والإدارة.

ووفق تقرير فقد ارتفعت مداخيل العاملات في مشاغل Lemlem بنسبة 400% مقارنة بمتوسط الرواتب في القطاع غير الرسمي بإثيوبيا، كما ساهم المشروع في إدخال نساء كثر في الدورة الاقتصادية الرسمية لأول مرة.

ما يُميز تجربة كيبيدي هو إدراكها المبكر أن الربحية لا تتعارض مع المسؤولية الاجتماعية. فإلى جانب النجاح التجاري لمنتجات Lemlem التي تُباع في متاجر عالمية مثل Net-a-Porter وThe RealReal، فقد أنشأت كيبيدي مؤسسة غير ربحية تحمل الاسم ذاته: Lemlem Foundation، تركّز على تعزيز التعليم المهني والرعاية الصحية الإنجابية للنساء في المجتمعات الهشّة.

تشير بيانات المؤسسة إلى أن أكثر من 15,000 امرأة استفدن من برامج التمكين التي شملت مهارات الحياكة، التمويل الأصغر، وتدريبات على القيادة الاقتصادية. كما موّلت المؤسسة مشاريع رعاية صحية بالشراكة مع مؤسسات مثل UNFPA وCARE الدولية.

تقول كيبيدي “أنا لا أبيع ملابس فقط. أبيع قصة. قصة امرأة نسجت هذا القماش بيديها، وقصتي أنا كأفريقية تجد في الريادة وسيلة لتغيير المصير”.

هذه الرؤية لقيت دعمًا من كبريات شركات الأزياء المستدامة، ما أتاح تعاونات ناجحة مع H&M، Moncler، وOther Stories، وكلها حملت شعار “صُنعت يدويًا في إفريقيا، بحب وإرادة”.

ووفق تقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية تمثل الصناعات الحرفية أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأفريقية منخفضة الدخل، لكنها تعاني من نقص في الابتكار الإداري والتسويق الدولي. وتعتبر Lemlem إحدى أبرز النماذج التي تغلبت على هذه التحديات عبر الدمج بين الحرفة التقليدية وتقنيات التسويق المعولم.

لم تتوقف كيبيدي عند الصناعة اليدوية، بل بدأت منذ 2022 بتوسيع العلامة لتشمل خط إنتاج للرجال وخطوط خاصة بالديكور المنزلي والأكسسوارات، مستفيدة من الاتجاه العالمي نحو المنتجات المستدامة والمصنوعة يدويًا.

وتخطط الشركة – بحسب مقابلة مع Vogue Business – للتوسع إلى أسواق الخليج وأوروبا الشرقية، وتفكر في فتح مركز إنتاج جديد في رواندا أو تونس ضمن خطتها للسنوات الخمس المقبلة، مع هدف زيادة عدد العاملات إلى 1000 سيدة بحلول عام 2030.

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *