تيبيرا بزنس

في خطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية متشابكة، أعلنت الحكومة السورية إلغاء ترخيص شركة “طلال أبو غزالة وشركاه للخدمات المهنية”، العائدة لرجل الأعمال الأردني-الفلسطيني البارز طلال أبو غزالة، بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها حول النظام السابق في سوريا.

وجاء القرار بعد لقاء تلفزيوني ظهر فيه أبو غزالة، حيث شكك بانتهاكات النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، وأعرب عن تأييده له، معبّرًا عن عدم تفاؤله بالإدارة الجديدة رغم إشادته بمستقبل البلاد الاقتصادي.

وأعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عبر بيان رسمي نُشر على حسابه في “لينكد إن”، أن تصريحات أبو غزالة تمثل “إساءة إلى سوريا”، وتتضمن “عدم اعتراف بالجرائم المرتكبة من النظام المجرم البائد بحق الشعب السوري”، بحسب تعبيره.

وبناءً على ذلك، قررت الحكومة:

               •             إلغاء ترخيص الشركة ومنع تجديده.

               •             السماح فقط بإكمال العقود الجارية حتى نهاية 2025.

               •             منع أي تعاقد جديد بين المستثمرين المحليين والأجانب مع شركات أبو غزالة، كشرط مسبق للحصول على تراخيص العمل أو الاستثمار في سوريا.

وتأسست مجموعة طلال أبو غزالة العالمية (TAG.Global) عام 1972، وتعد واحدة من أضخم المجموعات المهنية في العالم العربي، إذ تدير أكثر من 100 مكتب و150 مكتب تمثيل حول العالم. وتغطي خدماتها مجالات تدقيق الحسابات، إعداد التقارير المالية، الاستشارات الضريبية، وخدمات الملكية الفكرية من خلال وكالة AGIP المتخصصة.

وفي سوريا، لعبت الشركة دورًا محوريًا خلال سنوات ما بعد الحرب في تقديم خدمات التوثيق المالي، وتسجيل العلامات التجارية، وتقديم المشورة الفنية للمستثمرين.

المفارقة أن قرار الإغلاق جاء في لحظة تحاول فيها الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إنعاش اقتصاد البلاد المنهك، عبر الانفتاح على رؤوس الأموال العربية، وفتح قنوات مع الخليج العربي لاجتذاب الاستثمارات، خاصة من السعودية والإمارات وقطر.

ورغم أن طلال أبو غزالة لم يكن من المستثمرين المباشرين في مشاريع البنى التحتية أو الإنتاج، فإن شركته تعد من الأدوات المهمة لجذب المستثمرين وتوفير الغطاء المهني والاستشاري الضروري لتأسيس الأعمال.

 بحسب تقديرات البنك الدولي، فقد الاقتصاد السوري أكثر من 50% من ناتجه المحلي الإجمالي منذ عام 2010، وتراجع دخل الفرد إلى نحو 830 دولارًا سنويًا بحلول 2024. ويعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر، فيما يعاني أكثر من 25% من فقر مدقع، وسط أزمة في رواتب القطاع الحكومي.

في هذا السياق، قد يفسر القرار ضد أبو غزالة على أنه رسالة سياسية داخلية، أو خطوة لإعادة رسم خارطة العلاقات الاستثمارية بما يتوافق مع سردية النظام الجديد، لكنّه بالتأكيد يضع علامات استفهام حول بيئة الأعمال في سوريا، وجدوى الانفتاح الاقتصادي دون ضمانات قانونية واستقلالية مهنية.

إقصاء واحدة من أقدم شركات الاستشارات العربية في المنطقة ليس مجرد حدث قانوني، بل يعكس المسافة الدقيقة التي تحاول سوريا رسمها بين الإرث السياسي للنظام السابق، ومتطلبات إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي. فهل يستطيع النظام الجديد التوفيق بين استعادة الثقة وفرض رقابة على الروايات؟ أم أن ثمن الاستثمارات قد يصبح أعلى من العائد المتوقع؟

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *