بغداد – تيبيرا بزنس

في خطوة تُعدُّ تحولًا نوعيًا في مسار الشمول المالي والتحوّل نحو الاقتصاد الرقمي في العراق، تأتي المبادرة الحكومية لرقمنة رواتب موظفي القطاع الخاص ضمن خطة حكومية متكاملة تهدف إلى إنهاء التعامل النقدي داخل المؤسسات الحكومية والخاصة في إطار سياسة وطنية أشمل تهدف إلى مكافحة التهرب الضريبي، وتعزيز الشفافية المالية، ودمج ملايين المواطنين في النظام المصرفي الرسمي.

وتهدف المبادرة إلى تحويل الرواتب الشهرية للعاملين في القطاع الخاص إلى بطاقات مصرفية إلكترونية مرتبطة بحسابات بنكية معتمدة، ما سيمنح الموظفين إمكانيات أوسع في إدارة دخولهم، والاقتراض، والاستفادة من منتجات مصرفية متنوعة مثل الادخار، والتأمين، والدفع الإلكتروني.

ويقول الخبير المصرفي د. عبد الرحمن المشهداني “التحول من نظام الكاش إلى النظام الرقمي يعني أن الدولة ستتمكن من تتبع التدفقات المالية، وبالتالي التحكم بمعدلات السيولة وتقليص فجوات الفساد النقدي، كما أن القطاع المصرفي سيشهد توسعًا في قاعدة العملاء، ما يدعم استقراره وربحيته”.

من جانبها، أكدت البنك المركزي العراقي دعمه الفني والتقني لتطبيق المبادرة، بالتنسيق مع المصارف الحكومية والخاصة، عبر إصدار تعليمات جديدة تنظم آليات فتح الحسابات وتوفير حلول دفع متقدمة للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وقال مسؤول في البنك المركزي – فضّل عدم الكشف عن اسمه لحين إعلان التفاصيل رسميًا – إن البنك يعكف حاليًا على إعداد إطار تنظيمي شامل لتسهيل عملية الربط بين الشركات الخاصة والمصارف العاملة، وتحديد معايير الأمان الإلكتروني في عمليات تحويل الرواتب.

وفي هذا السياق، شدد المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة، علي طارق، على أهمية التنسيق بين الجهات الرقابية والمصرفية والقطاع الخاص لإنجاح المبادرة، مشيرًا إلى أن “أكثر من 70% من العاملين في القطاع الخاص ما زالوا خارج النظام المالي الرسمي”.

وأضاف طارق ” سنبدأ قريبًا بتنظيم ورش تدريبية للشركات بشأن آليات تحويل الرواتب إلكترونيًا، وكيفية فتح حسابات للموظفين، وتقديم محفزات مصرفية لتشجيع العاملين على استخدام البطاقات الرقمية، مثل إعفاءات من الرسوم وفوائد تفضيلية على القروض.”

ووفقًا لتقديرات غير رسمية، فإن تطبيق هذه المبادرة بشكل كامل قد يضيف أكثر من 5 ملايين موظف وعامل في القطاع الخاص إلى النظام المالي، مما يزيد من حجم الودائع المصرفية السنوية بنحو 7-9 تريليونات دينار عراقي.

ويرى المحلل المالي كامل الجاف أن “التحول الرقمي للرواتب يُعد خطوة استراتيجية لإنشاء قاعدة بيانات دقيقة للقوى العاملة، تمهيدًا لإصلاحات أشمل في سوق العمل، ونظام التأمينات الاجتماعية، والتخطيط الاقتصادي طويل الأمد”.

ويأتي هذا التوجه في ظل زخم واضح من الحكومة العراقية نحو رقمنة الاقتصاد الوطني، بعد إطلاق مشاريع التحول الرقمي في الجمارك، والدفع الإلكتروني في محطات الوقود، ومنصة “تمويل” لرقمنة خدمات التمويل للمشاريع الصغيرة.

وتهدف الخطة الشاملة إلى جعل 2025 عامًا حاسمًا في تقليص التعامل النقدي داخل العراق، عبر ربط رواتب موظفي الدولة والقطاع الخاص والمستفيدين من شبكات الحماية الاجتماعية بالحسابات المصرفية.

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *