نبيل المرسومي: العراق يواجه 3 أزمات خطرة

بغداد: محمد المهدي

حذر الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي من أن العراق بات على أعتاب ثلاث أزمات كبرى تشمل السيولة والطاقة والوظائف، في ظل استمرار التراجع في أسعار النفط العالمية، وتراكم الأعباء المالية على الموازنة العامة، وغياب الإصلاحات الجذرية في بنية الاقتصاد الوطني.

وقال المرسومي، استاذ الاقتصاد في جامعة المعقل في محافظة البصرة، إن “الوضع الاقتصادي الراهن أكثر تعقيداً من أزمة عام 2020″، مشيرًا إلى أن أسعار النفط الحالية (60 إلى 63 دولاراً للبرميل) غير كافية لتغطية النفقات التشغيلية للدولة، وخاصة كتلة الرواتب التي تجاوزت 90 تريليون دينار سنويًا.

وأضاف، أن “الدولة اقترضت داخليًا وخارجيًا، وطرحت سندات للتنمية لكن الإقبال الشعبي عليها ضعيف جدًا، مما يعكس أزمة ثقة حادة في السياسات المالية”. وأكد أن “العراق يواجه حالياً عجزاً شهريًا في السيولة يتراوح بين 3 إلى 4 تريليونات دينار”.

مأزق الحصة الإنتاجية في “أوبك”

وفيما يخص السياسة النفطية، لفت المرسومي إلى أن العراق لا يستطيع التوسع في إنتاجه النفطي بسبب التزامه بحصته في منظمة “أوبك بلس”، والبالغة 4 ملايين برميل يوميًا، رغم امتلاكه طاقة إنتاجية تفوق 4.6 ملايين برميل.

وقال: “إذا واصل العراق الالتزام بهذه الحصة، فسيضطر لدفع غرامات للشركات الأجنبية المتعاقدة بموجب جولات التراخيص، كما حصل في عام 2020، حين أجبر على خفض مليون برميل يوميًا”.

وأضاف أن “الخيار الأكثر واقعية للعراق مستقبلاً هو إما الانسحاب من أوبك أو التفاوض لزيادة حصته الإنتاجية إلى 6 ملايين برميل على الأقل بحلول 2028، استنادًا إلى حجم احتياطاته النفطية وسكانه واحتياجاته التنموية”.

الصين تتمدد

وكشف المرسومي عن أن العديد من الشركات الأجنبية الكبرى انسحبت من مشاريعها في العراق، أبرزها “شل” من حقل مجنون و”إكسون موبيل” من غرب القرنة، في حين أصبحت الشركات الصينية تهيمن على 17 حقلًا نفطيًا في البلاد، وتمتلك فعليًا ثلث الاحتياطي النفطي العراقي، وهو ما وصفه بـ”تحول استراتيجي خطير”.

وتابع أن “العراق يصدر ثلثي نفطه إلى الصين والهند، ما يجعله عرضة للتقلبات في سياسات الدولتين”، مشددًا على ضرورة فتح طرق تصدير جديدة عبر خط حديثة – العقبة – بانياس – جيهان، لتأمين أسواق أوروبية وإفريقية وتقليل الاعتماد على المضايق المائية الحساسة.

وانتقد المرسومي السياسة المالية للحكومة، واصفًا إياها بـ”غير الرشيدة”، خصوصاً بعد رفع سعر صرف الدينار الذي تسبب بخسارة 15 تريليون دينار من الموازنة، وتوظيف مليون شخص إضافي، ما زاد العبء على الإنفاق الحكومي بشكل غير مدروس.

وأوضح أن “فجوة الرواتب والتفاوت الكبير بين الموظفين، والازدواج في الرواتب، كلها تمثل نقاط اختلال كبيرة في إدارة الإنفاق العام، وكان من الممكن معالجتها لتوفير العدالة وتخفيف العبء المالي”.

أزمة وظيفية واجتماعية

وأكد الخبير الاقتصادي أن العراق يتجه نحو أزمة بطالة متفاقمة، “إذ إن فرص العمل الوحيدة إما في التعيين الحكومي أو الرعاية الاجتماعية، وكلاهما مرتبطان مباشرة بإيرادات النفط”، محذرًا من أن “ركود الاقتصاد سيؤدي إلى توقف المشاريع وتسريح آلاف العاملين”.

وفرغ المرسومي الى القول: “إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فالعراق مقبل على قرارات مؤلمة، أبرزها احتمال تعديل سعر الصرف مجددًا، أو تعطيل بعض التزامات الموازنة، وربما تعليق التعيينات، وكل ذلك ستكون له آثار مباشرة على الاستقرار الاجتماعي”.

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *