بغداد – تبيرا بزنس
على طريق إعادة الإعمار وتحقيق الاكتفاء الذاتي، كشفت وزارة الصناعة والمعادن العراقية عن خطة استراتيجية طموحة لإنشاء مصانع إسمنت جديدة ستقفز بالطاقة الإنتاجية الإجمالية إلى 52 مليون طن سنويًا، في خطوة تعد الأضخم من نوعها في تاريخ الصناعة العراقية منذ عقود.
ويأتي هذا التوجه ليضع العراق في مصاف الدول المنتجة إقليميًا، مستندًا إلى رؤية تنموية واقعية ترتكز على تحفيز الاستثمار الصناعي وتلبية الطلب المتزايد على مواد البناء، في ظل الطفرة العمرانية التي تشهدها البلاد من الجنوب إلى الشمال.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية للمصانع العاملة – بين قطاع عام وخاص – 32 مليون طن سنويًا، وهي كمية لم تعد تلبي الزيادة الكبيرة في مشاريع البناء والإعمار.
وفي هذا الإطار، وضعت الوزارة خارطة طريق شاملة لإنشاء مصانع متكاملة ستصل بالطاقة الإنتاجية الإجمالية إلى 52 مليون طن، ما سيقلل الاعتماد على الاستيراد ويدعم الاقتصاد الوطني.
وتقول ضحى عبد الكريم الجبوري – المتحدثة باسم وزارة الصناعة والمعادن”هذه المشاريع تمثل تحولًا جذريًا في فلسفة الإنتاج الصناعي، حيث نسعى ليس فقط لسد الحاجة المحلية، بل لتصدير الفائض مستقبلًا. نحن نبني صناعة لا تكتفي بالكم، بل تراهن على الجودة والتكامل التكنولوجي.”
وفي سابقة لافتة، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أبريل 2025 أعمال ستة مصانع كبرى للإسمنت في محافظة المثنى، ضمن استثمار ضخم بلغت قيمته 1.171 مليار دولار.
السوداني خلال حفل الإطلاق: “إننا لا نؤسس فقط لمعامل إسمنت، بل نؤسس لاقتصاد منتج، يوفر آلاف فرص العمل، ويضع لبنة صلبة في جدار الاستقلال الاقتصادي. المثنى ستكون عنوانًا لصناعة عراقية تنهض من رماد العقود الماضية”.
يأتي هذا الإعلان في ظل طفرة إنشائية تشهدها المحافظات العراقية، حيث تحتاج مشاريع الإسكان والبنية التحتية إلى ملايين الأطنان من الإسمنت سنويًا. وفي ظل التقلبات العالمية في أسعار الاستيراد وتكاليف النقل، فإن الاعتماد على الإنتاج المحلي لم يعد خيارًا اقتصاديًا فحسب، بل خيارًا سياديًا أيضًا.
من جانبه، يرى مهند السامرائي – خبير في الاقتصاد الصناعي: ان “القدرة على إنتاج الإسمنت محليًا تعني تحكمًا مباشرًا بكلفة المشاريع وتقليل الاستنزاف بالعملة الصعبة. كما أن إنشاء مصانع متكاملة يفتح الباب أمام صناعات مرافقة مثل الحديد والبتروكيمياويات، مما يخلق تأثيرًا مضاعفًا على الناتج المحلي”.
خطط وزارة الصناعة لا تتوقف عند الإنتاج، بل تشمل أيضًا نقل التكنولوجيا، تأهيل الكوادر، وفتح أبواب التعاون مع الشركاء الدوليين. وتسعى الوزارة إلى إحداث نقلة نوعية في المعايير البيئية والإنتاجية، من خلال تبني تكنولوجيا الأفران الحديثة والاعتماد على الطاقات البديلة.
زينب عبد الله – مدير عام التخطيط الصناعي في الوزارة تقول ان الطاقة الإنتاجية هي المؤشر الأول، لكننا نركز أيضًا على كفاءة التشغيل، تقليل الانبعاثات، وتحقيق التكامل مع القطاعات الأخرى مثل الطاقة والنقل”.
لا تعليق