الرياض: كرم عثمان

اجتمعت أنظار القطاعين الحكومي والخاص السعودي والعراقي حول ملف الاستثمارات المشتركة، حيث تقدّمت كتل اقتصادية وممثّلون عن قطاع الأعمال السعودي بمطالب واضحة تطالب فيها الحكومة العراقية بسن قانون خاص يحمي الاستثمارات السعودية، وتوفير بيئة تشريعية واستثمارية تضمن تدفق الأموال بكفاءة وشفافية.

الرئيس التنفيذي لـاتحاد غرف الأعمال السعودي، حسن الحويضي، اجتمع مع أعضاء لجنة الصداقة العراقية-السعودية في البرلمان العراقي، وتحدث عن رغبة ملحّة في جذب رأس المال السعودي نحو العراق، مؤكدًا أن هناك نموًا في التجارة بين الدولتين يراوح حوالي 12٪ سنويًا، ولكن النمو الاستثماري يتطلب حماية قانونية واضحة تنهي العقد المؤسسية التي تُعيق دخول المستثمر السعودي. كما شدّد الحويضي على أن وجود قانون استثمار سعودي-عراقي، بدعم من مؤسسات مثل صندوق الاستثمار السعودي وصندوق تطوير العراق، سيخلق مناخًا جاذبًا للاستثمارات، خاصة في القطاعات الصناعية والعقارية التي ينتظرها تحوّل جوهري. وتبع ذلك استعداد العراق لطرح مشروع قانون حمايـة الاستثمارات قبل البرلمان قريبًا، في خطوة تستبقها تنسيق تشريعي قائم بين البلدين منذ أشهر

في سياق متصل، أعلن سعادة سفير السعودية لدى بغداد أن الصندوق السيادي السعودي (PIF) قد خصص نحو 3 مليارات دولار للاستثمار في الاقتصاد العراقي، تشمل مجالات البنية التحتية والتعدين والزراعة والخدمات المالية والعقارات.

هذه الأرقام تُعد بارقة أمل لاقتصاد يعتمد الآن على النفط بنسبة تجاوزت 85٪ من دخله الوطني، ويحتاج إلى تنويع حقيقي.

تتجاوز الشراكات القانونية مجرد ضمانات؛ ففي ديسمبر 2024 أُبرم اتفاق شراكة صناعية بين العراق والسعودية، وهي الأولى بين القطاعين الخاصين في البلدين، ويُنظر إليها كمبادرة رائدة لبناء شراكة نهجية ومستدامة بين الشركات العراقية والسعودية.

كما اشتركت وزارة الاستثمار السعودية وصندوق تنمية العراق في توقيع مذكرات تفاهم مع 12 شركة سعودية بهدف تنفيذ مشاريع استثمارية نوعية داخل العراق، تركز على الطاقة والصناعة والخدمات اللوجستية، ضمن خطط لتعزيز الاقتصاد المنتج.

وبينما تؤكد القيادة الاقتصادية السعودية رغبتها بفتح الباب الواسع للاستثمار السعودي، فإن المستثمرين السعوديين في العراق يشيرون إلى الخلافات الإدارية والبيروقراطية القوية التي تحول دون دخول رؤوس الأموال بسلاسة. وأحدهم وصف العراق بأنه سوق يمتلك إمكانيات هائلة لكن الطرق إليه “ما زالت محفوفة بالتعقيدات”.

ومع ذلك، فإن بنية العلاقات تتحسن تدريجيًا. فبعد سنوات من الحياد والقطيعة بين بغداد والرياض، تحولت العلاقات إلى شراكة استراتيجية منذ 2019، عندما افتتحت السعودية قنصلية في بغداد وتوقعت تدفقات استثمارية كبيرة، وليس أقلها قرض تنموي بليوني دولار.

الحوار السياسي تطور إلى خطوات تشريعية وتنموية وجارية الآن على صعيد الاستثمار والقوانين.

تبدو ملامح الاقتصاد الجديد في العراق تستعيد الاستقرار السياسي، وتترجم رغبة السعودية في الانتقال من تبني دور المتفرّج إلى المستثمر الفعلي. ولكن ما زالت العراق بحاجة إلى:

               •             إصدار قانون حمايـة الاستثمارات سعوديـة–عراقية واضح، مع نصوص تنقذ المستثمر من الضغوط البيروقراطية.

               •             خلق آليات تشريعية تُنهي العقد المؤسساتية المتراكمة، عبر نافذة استثمار فعالة.

               •             تطبيق اتفاقات الشراكة ومذكرات التفاهم واقعيًا، عبر تأسيس شركات مختلطة ومدن صناعية مشتركة.

               •             إشراك القطاع الخاص في رسم وتنفيذ المشاريع لضمان استدامة الاستثمار واستيعاب الخبرات السعودية.

وارتفعت مطالب الاستثمار إلى صوت القانون والرؤية المشتركة، وبينما لطالما كانت الفرص قائمة، فقد بات عاملاً مشتركًا أقوى هو القانون المؤسساتي. وستحدد الأشهر القادمة ما إذا كانت العلاقة السعودية-العراقية ستنتقل من شراكات معلقة إلى شراكة استثمارية حقيقية تؤسس لعصر جديد من التكامل الاقتصادي.

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *