بغداد – تيبيرا بزنس
تُعد شركة أوليفر وايمن (Oliver Wyman) واحدة من أبرز شركات الاستشارات الإدارية والمالية في العالم، إذ تأسست في عام 1984 في مدينة نيويورك، وتوسعت لتصبح شبكة عالمية تضم أكثر من 50 دولة، تقدم خدماتها للعديد من القطاعات الاقتصادية المتنوعة، ومنها القطاع المالي، والصناعي، والطاقة، والتقنية. تُعرف الشركة برؤيتها التحليلية العميقة وقدرتها على دعم الحكومات والمؤسسات في تصميم وتنفيذ استراتيجيات تحويلية معقدة، ترتكز على البيانات المحدثة والابتكار، لتطوير نماذج أعمال مستدامة تعزز الكفاءة والمرونة.
على الصعيد الدولي، أدخلت أوليفر وايمن تحولات جذرية في القطاعات المالية لدول كبرى مثل المملكة المتحدة، وكندا، وسنغافورة، حيث ساعدت في تحديث البنى التحتية المصرفية، وتعزيز الحوكمة والامتثال التنظيمي، ودفع عجلة الشمول المالي عبر مشاريع متكاملة تضمنت رقمنة الخدمات وتبني أنظمة متطورة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما ساهمت في تطوير نماذج أعمال مستدامة تدعم الاقتصاديات المحلية وتواكب التحولات الرقمية العالمية، ما أكسبها سمعة عالمية كشريك استراتيجي في إصلاحات القطاع المالي.
في العراق، تأتي شراكة أوليفر وايمن مع البنك المركزي والحكومة في إطار خطة إصلاحية تاريخية تهدف إلى تحديث القطاع المصرفي الخاص، الذي لطالما واجه تحديات كبيرة من حيث ضعف البنية التحتية، وارتفاع معدلات الاعتماد على النقدية، وقصور في الحوكمة والشفافية. هذه الخطة الطموحة لا تقتصر على مجرد تحديث النظام البنكي، بل تركز على بناء قطاع مالي حديث ومرن قادر على دعم الاقتصاد العراقي سريع النمو، وتعزيز الشمول المالي لملايين المواطنين الذين لا يزالون خارج نطاق الخدمات المصرفية الرسمية.
وفقاً لتصريحات البنك المركزي العراقي، تقوم الخطة على ثلاثة محاور رئيسة: تعزيز الشمول المالي وتعميقه، رفع كفاءة وإنتاجية القطاع المصرفي الخاص، وتهيئة بيئة تنافسية عادلة وصحية تضمن استقرار القطاع المالي ومقاومته للمخاطر. وتؤكد خطة الإصلاح أهمية الامتثال للمعايير المصرفية الدولية التي تشمل هيكلة الملكية والحوكمة، ضمان نماذج أعمال مستدامة، الحفاظ على نسب كفاية رأس المال والسيولة، وتعزيز نظم الامتثال لمكافحة غسل الأموال.
ومن خلال خبرتها العالمية، تساهم أوليفر وايمن في تصميم هذه المعايير وتفعيلها داخل السوق العراقي، بما يتوافق مع خصوصيات الاقتصاد المحلي ومتطلباته المتطورة. فالشركة تقدم الدعم الفني والتدريبي للمصارف الخاصة لضمان جاهزيتها في مراحل التقييم التي ستبدأ في الربع الأول من 2026، إضافة إلى متابعة تنفيذ خطة التحول وقياس أثرها المالي والتشغيلي.
وتشمل خطة الإصلاح تحديث أنظمة المدفوعات الرقمية لتوفير معاملات فعالة وآمنة للأفراد والشركات، بالإضافة إلى توسيع شبكة الفروع وأجهزة الصراف الآلي لتغطية أكبر عدد من المناطق، ما يهدف إلى تسهيل الوصول إلى الخدمات المصرفية، ويُسهم في تقليل الاعتماد على النقدية التي لطالما شكلت تحدياً للاقتصاد العراقي، خاصةً في ظل المخاطر الأمنية وانتشار الاقتصاد الموازي.
كما تتضمن الإصلاحات تبسيط إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال تبني نظام الهوية الرقمية، ما يعزز الشفافية ويحد من الجرائم المالية، ويزيد من ثقة المودعين والمستثمرين على حد سواء. وهذا الأمر يُعد ركيزة أساسية لتحقيق استقرار القطاع المالي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يحتاجها العراق لتعزيز اقتصاده وتنويع مصادر الدخل.
الخبراء الاقتصاديون يرون في هذا التعاون مع أوليفر وايمن فرصة نادرة للعراق، حيث يمكن أن تصبح البلاد نموذجاً إقليمياً في تطوير القطاع المالي عبر تطبيق معايير عالمية، ويؤكدون أن نجاح هذه الإصلاحات سيُسهم في توسيع قاعدة العملاء، وتفعيل قنوات التمويل، وزيادة قدرة المصارف على الابتكار في المنتجات والخدمات المالية.
على الصعيد العالمي، تميزت أوليفر وايمن بمشاركتها في مشاريع إصلاح بنوك ومؤسسات مالية في دول عدة، منها مشروعها مع بنك إنجلترا في تحديث إطار الحوكمة البنكية، ومبادرتها مع المؤسسات المالية الكندية لتعزيز الشمول المالي في المناطق النائية، وكذلك تعاونها مع بنوك سنغافورة لتطوير أنظمة الحوكمة والامتثال. كما ساعدت شركات كبرى في قطاع التكنولوجيا المالية على تبني نماذج أعمال مستدامة، مما أتاح لها الريادة في الأسواق الرقمية، وهو ما يعكس خبرة كبيرة يمكن تطبيقها في السوق العراقية.
يذكر أن أوليفر وايمن لم تقتصر على الاستشارات فقط، بل تمارس دوراً فعالاً في تنفيذ خطط التحول من خلال فرق متخصصة تعمل عن كثب مع العملاء، لضمان تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، الأمر الذي يُعد ميزة تنافسية في مشاريع الإصلاح الوطني مثل العراق.
في الختام، يبدو أن العراق على أبواب تحول اقتصادي مهم، يُعيد بناء منظومة مالية قوية تدعم التنمية المستدامة، ويحقق طموحات الحكومة في تنشيط الاقتصاد وتعزيز الشفافية والمساءلة، ويُعيد الثقة إلى النظام المصرفي بعد سنوات من التحديات. وبدعم من خبرة أوليفر وايمن العالمية، هناك أمل كبير في نجاح هذه المبادرة التي ستغير قواعد اللعبة في القطاع المالي العراقي.
لا تعليق