تيبيرا بزنس

في ظل تنامي الإنتاجات الدرامية في العراق وتزايد الطلب على المحتوى المحلي، يُطرح سؤال محوري: هل تتناسب أجور الفنانين العراقيين مع الجهد المبذول والإنتاج المتنامي؟

الإجابة – كما تكشف الأرقام والتصريحات – تشير إلى واقع مأزوم، يعيش فيه الممثل العراقي على دخل متواضع لا يوازي طموحه ولا جهده، وسط بيئة إنتاجية تفتقر للعدالة في التوزيع والضمانات.

ويبلغ متوسط دخل الممثل العراقي نحو 32.3 مليون دينار عراقي سنويًا (ما يعادل 2,000 دولار تقريبًا)، في حين تحصل الممثلات على دخل أدنى يبلغ نحو 28.5 مليون دينار، ما يعكس فجوة جندرية تقارب 13%.

وبالرغم من تزايد الإنتاجات التلفزيونية، خاصة في شهر رمضان والمواسم الدرامية السنوية، فإن نسبة الزيادة السنوية في الأجور لا تتعدى 7%، وهي نسبة لا تغطي الارتفاع في تكاليف المعيشة، ولا تواكب تطور الصناعة الفنية في دول الجوار.

الفنان العراقي سنان العزاوي، أحد أبرز الممثلين في المشهد المحلي، يقول في حديث خاص:

“الممثل اليوم لا يحصل على ما يوازي مجهوده. الأجر العادي لا يتجاوز 70 إلى 150 دولارًا للحلقة، وحتى النجوم لا يحصلون على أكثر من 500 دولار في أفضل الأحوال.”

ويضيف العزاوي: “لا توجد عدالة في عقود البث، ولا يحصل الفنانون على نسب من الإعلانات أو المشاهدات على المنصات الرقمية، وهي حقوق كان من المفترض أن تكون محمية قانونًا.”

وتشير أصوات من داخل الوسط الفني إلى أن غالبية العقود تُبرم بطريقة غير شفافة، دون إشراف نقابي أو حماية قانونية. ولا تشمل أغلبها بنودًا لضمان مشاركة الفنانين في أرباح العمل بعد البث، سواء على الشاشات الفضائية أو على المنصات الرقمية مثل YouTube أو TikTok أو Shahid.

كما يُحرم الفنانون العراقيون من التأمينات الصحية أو تقاعدات مهنية، مما يدفع كثيرين منهم إلى اعتزال المهنة في سن مبكرة أو البحث عن أعمال إضافية لتأمين دخلهم.

وينتقد فنانون ونشطاء ثقافيون ضعف دور نقابة الفنانين العراقيين في التفاوض على عقود عادلة أو تحديد حد أدنى للأجور. كما يغيب وجود أي نظام لتصنيف الفنانين بحسب خبراتهم أو تقييم أعمالهم، ما يجعل أجورهم خاضعة تمامًا لمزاج المنتج أو المخرج.

الناقد المسرحي أحمد الشمري يقول”نحن بحاجة إلى منظومة متكاملة تحترم حقوق الفنان، تبدأ من التشريعات، وتمر بالهيئات الإنتاجية، وتنتهي بجمهور يقدّر الفن المحلي ولا يستخف به”.

وسط هذه الصورة القاتمة، يبرز عدد من المقترحات التي يدعو لها فنانون وخبراء لإنقاذ الفن العراقي من التدهور المالي والمهني، من بينها:

            •          إقرار قانون حقوق الأداء الفني، الذي يضمن نسبًا من عائدات البث والإعلانات.

            •          إنشاء صندوق دعم حكومي للفنانين المتقاعدين أو غير القادرين على العمل.

            •          تحديد حد أدنى للأجور لكل فئة فنية، بالتعاون بين النقابات وجهات الإنتاج.

            •          رقمنة العقود الفنية لضمان الشفافية وسرعة البت في النزاعات.

            •          تطوير منصة إلكترونية عراقية لعرض الأعمال الفنية بأرباح عادلة.

الدراما العراقية تقف على مفترق طرق. فبينما تسعى إلى التوسع والنهوض، يعاني ممثلوها من واقع اقتصادي لا يليق بفنهم. فهل من مجيب؟ وهل تتبنى الجهات الرسمية خطوات جادة لإصلاح هذه المنظومة؟ أم يبقى الفنان العراقي أسير الشغف دون مردود عادل؟

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *